قَالَ: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: ٣٨] (٣٨) {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: ٣٩] (٣٩) {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: ٤٠] .
فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ عَمَدَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الشِّرْكِ فَكَتَبُوهَا وَوَضَعُوهَا تَحْتَ كُرْسِيِّهِ، وَقَالُوا: كَانَ سُلَيْمَانُ يُسَخِّرُ الْجِنَّ بِهَذَا، فَصَارَ هَذَا فِتْنَةً لِمَنْ صَدَّقَ بِذَلِكَ وَصَارُوا طَائِفَتَيْنِ، طَائِفَةً عَلِمَتْ أَنَّ هَذَا مِنَ الشِّرْكِ وَالسِّحْرِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَطَعَنَتْ فِي سُلَيْمَانَ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
وَطَائِفَةً قَالَت: سُلَيْمَانُ نَبِيٌّ، وَإِذَا كَانَ قَدْ سَخَّرَ الْجِنَّ بِهَذَا دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا جَائِزٌ، فَصَارُوا يَقُولُونَ وَيَكْتُبُونَ مِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِيهَا الشِّرْكُ وَالتَّعْزِيمُ وَالْإِقْسَامُ بِالشِّرْكِ وَالشَّيَاطِينِ - مَا تُحِبُّهُ الشَّيَاطِينُ وَتَخْتَارُهُ وَيُسَاعِدُونَهُمْ لِأَجْلِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ مَطَالِبِ الْإِنْسِ، إِمَّا إِخْبَارًا بِأُمُورٍ غَائِبَةٍ يَخْلِطُونَ فِيهَا كَذِبًا كَثِيرًا، وَإِمَّا تَصَرُّفًا فِي بَعْضِ النَّاسِ، كَمَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ أَوْ يَمْرَضُ بِالسِّحْرِ، أَوْ تَسْرِقُ الشَّيَاطِينُ لَهُ بَعْضَ الْأَمْوَالِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إِعَانَةُ الشَّيَاطِينِ لِلْإِنْسِ عَلَى أُمُورٍ تُرِيدُهَا الْإِنْسُ، لِأَجْلِ مُطَاوَعَةِ الْإِنْسِ وَمُوَافَقَتِهِمْ لِلشَّيَاطِينِ عَلَى مَا تُرِيدُهُ الشَّيَاطِينُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute