للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ. كُلُّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى دَعْوَى عِصْمَتِهِم، وَقَدْ عُرِفَ فَسَادُهُ، وَإِذَا قَالَتِ النَّصَارَى: نَحْنُ نَنْقُلُهَا عَنِ الْحَوَارِيِّينَ الْمَعْصُومِينَ، قَالَتِ الْيَهُودُ: نَحْنُ نَنْقُلُهَا عَن مُوسَى الْمَعْصُومِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمِلَلِ، أَوْ عَنِ الْعَارِفِ الْمَعْصُومِ بِاتِّفَاقِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَكَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَالتَّوْرَاةُ بِاتِّفَاقِ الْخَلْقِ مَأْخُوذَةٌ عَن مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَهُوَ مَعْصُومٌ، وَإِنَّمَا يَطْعَنُ مَنْ يَطْعَنُ فِي نَقْلِ بَعْضِهَا لِانْقِطَاعِ التَّوَاتُرِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَمَّا خُرِّبَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ سَاكِنٌ، أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّ بَعْضَ أَلْفَاظِهَا غُيِّرَ حِينَئِذٍ، وَيَقُولُ بَعْضُهُم: لَمْ تُغَيَّرْ أَلْفَاظُ جَمِيعِ النُّسَخِ، وَإِنَّمَا غُيِّرَ أَلْفَاظُ بَعْضِ النُّسَخِ، وَانْتَشَرَتِ النُّسَخُ الْمُغَيَّرَةُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى لَا يَعْرِفُوا غَيْرَهَا.

ثُمَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَزَلْ فِيهِمْ نَبِيٌّ بَعْدَ نَبِيٍّ حَتَّى جَاءَ الْمَسِيحُ، وَبَعْدَ الْمَسِيحِ فَلَمْ يَزَالُوا خَلْقًا كَثِيرًا لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا عَلَى تَغْيِيرِ نُسَخِ التَّوْرَاةِ، بِخِلَافِ الْإِنْجِيلِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا نَقَلَهُ أَرْبَعَةٌ، وَمَنْ كَتَبَ التَّوْرَاةَ وَالزَّبُورَ وَالنُّبُوَّاتِ مِنْ أَتْبَاعِ الْمَسِيحِ، فَإِنَّمَا كَتَبُوهَا مِنَ النُّسَخِ الَّتِي كَانَتْ بِأَيْدِي الْيَهُودِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>