للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوحُ الْقُدُسِ تَارَةً يَقُولُونَ: " هُوَ حَيَاةُ اللَّهِ " وَتَارَةً يَقُولُونَ: " هُوَ قُدْرَةُ اللَّهِ ".

وَالْكُتُبُ الْمَنْقُولَةُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ فِيهَا تَسْمِيَةُ شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ لَا بَاسْمِ ابْنٍ وَلَا بَاسْمِ رُوحِ الْقُدُسِ، فَلَا يُوجَدُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سَمَّى عِلْمَ اللَّهِ وَحِكْمَتَهُ وَكَلَامَهُ - ابْنًا، وَلَا سَمَّى حَيَاةَ اللَّهِ أَوْ قُدْرَتَهُ رُوحَ الْقُدُسِ، بَلْ رُوحُ الْقُدُسِ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ يُرَادُ بِهَا مَعْنًى لَيْسَ هُوَ حَيَاةَ اللَّهِ، كَمَا يُرَادُ بِهَا مَلَكُ اللَّهِ أَوْ مَا يُنَزِّلُهُ فِي قُلُوبِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ هُدَاهُ وَنُورِهِ وَتَأْيِيدِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، عُلِمَ أَنَّ مَا فَسَّرُوا بِهِ قَوْلَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (عَمِّدُوا النَّاسَ بِاسْمِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ) - كَذِبٌ صَرِيحٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَا فَسَّرُوا بِهِ كَلَامَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ إِثْبَاتِ الْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ كَذِبٌ صَرِيحٌ عَلَيْهِم، كَقَوْلِهِمْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ، أَرَادُوا بِهِ إِثْبَاتَ ثَلَاثَةِ آلِهَةٍ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ ضَلَالُهُمْ فِيهِ وَافْتِرَاؤُهُمْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَيُعْلَمُ أَنَّ إِلَهَ الثَّلَاثَةِ هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَيْسَ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ إِلَهًا آخَرَ غَيْرَ إِلَهِ إِسْحَاقَ حَتَّى لَوْ قِيلَ بِالْأَقَانِيمِ، فَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ: إِنَّ أَحَدَ الْأَقَانِيمِ إِلَهُ هَذَا، وَالْأُقْنُومَ الْآخَرَ إِلَهُ الْآخَرِ، فَإِنَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>