فَذَلِكَ مَخْلُوقٌ لَهُ، وَالْمَخْلُوقُ لَا يَكُونُ مِثْلَ الْخَالِقِ، وَكَذَلِكَ رُوحُ الْقُدُسِ - سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ مَلَكٌ أَوْ هُدًى وَتَأْيِيدٌ - لَيْسَ مِثْلًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَالَ (لِنَخْلُقْ خَلْقًا) أَوْ قَالَ: (نَخْلُقُ آدَمَ أَوْ نَخْلُقُ بَشَرًا عَلَى صُورَتِنَا وَشِبْهِنَا) وَعَلَى مَا قَالُوهُ: (نَخْلُقُ خَلْقًا عَلَى شِبْهِنَا وَمِثَالِنَا) ، وَبِكُلِّ حَالٍ، فَهَذَا وَكَلِمَةُ اللَّهِ وَرُوحُهُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ كَلِمَتَهُ وَرُوحَهُ.
وَإِنْ قَالُوا: أَرَادَ بِذَلِكَ النَّاسُوتَ الْمَسِيحِيَّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ النَّاسُوتِ وَسَائِرِ النَّوَاسِيتِ، مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ النَّصِّ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ بِاتِّفَاقِ الْأُمَمِ، وَالنَّاسُوتُ نَفْسُهُ لَيْسَ هُوَ كَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ يُشْبِهُ ذَاتَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، مِثْلَ كَوْنِهِ قَدِيمًا بِقِدَمِهِ - لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ.
وَكَذَلِكَ اللَّفْظُ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ قَوْلُهُ: (سَنَخْلُقُ بَشَرًا عَلَى صُورَتِنَا شِبْهَنَا) فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى التَّثْلِيثِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَشِبْهُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ يَكُونُ لِمُشَابَهَتِهِ لَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي التَّمَاثُلَ الَّذِي يُوجِبُ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ، وَإِذَا قِيلَ هَذَا حَيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute