للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ نَصَارَى نَجْرَانَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّا) ، (نَحْنُ) قَالُوا: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ ثَلَاثَةٌ، وَكَانَ هَذَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي اتَّبَعُوهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وَتَرَكُوا الْمُحْكَمَ الْمُبِينَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا وَاحِدًا، فَإِنَّ اللَّهَ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ الْإِلَهِيَّةِ قَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَأَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا مِثْلَ لَهُ.

وَقَوْلُهُ: (إِنَّا) ، (نَحْنُ) لَفْظٌ يَقَعُ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ شُرَكَاءُ وَأَمْثَالٌ، وَعَلَى الْوَاحِدِ الْمُطَاعِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَهُ أَعْوَانٌ يُطِيعُونَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ وَلَا نُظَرَاءَ، وَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ كُلَّ مَا سِوَاهُ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ مِثْلٌ، وَالْمَلَائِكَةُ وَسَائِرُ الْعَالَمِينَ جُنُودُهُ تَعَالَى.

قَالَ تَعَالَى:

{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: ٣١] .

وَقَالَ تَعَالَى:

{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [الفتح: ٧] .

فَإِذَا كَانَ الْوَاحِدُ مِنَ الْمُلُوكِ يَقُولُ: إِنَّا، وَنَحْنُ، وَلَا يُرِيدُونَ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ مُلُوكٍ فَمَالِكُ الْمُلْكِ رَبُّ الْعَالَمِينَ، رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ هُوَ أَحَقُّ بِأَنْ يَقُولَ: إِنَّا، وَنَحْنُ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ، وَلَا مَثِيلٌ، بَلْ لَهُ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>