طَائِفَةٍ) كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ، بَلِ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا يَقُولُهُمَا فِرَقُ النَّصَارَى كَالنُّسْطُورِيَّةِ وَالْيَعْقُوبِيَّةِ وَالْمَلَكِيَّةِ وَنَحْوِهِم، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ تَنَاقُضِكُمْ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ هُوَ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ هُوَ ابْنَ اللَّهِ، سَوَاءً عُبِّرَ بِالِابْنِ عَنِ الصِّفَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّ الْأَبَ هُوَ الذَّاتُ، وَالذَّاتُ لَيْسَتْ هِيَ الصِّفَةَ، وَإِنْ عَنَى بِالِابْنِ الذَّاتَ مَعَ صِفَةِ الْكَلَامِ، كَمَا تُفَسِّرُونَ الْأُقْنُومَ بِذَلِكَ - فَهَذِهِ الذَّاتُ مُتَّصِفَةٌ مَعَ ذَلِكَ بِالْحَيَاةِ، وَالْكَلَامُ - سَوَاءً عَنَوْا بِهِ الْعِلْمَ أَوِ الْبَيَانَ مَعَ الْعِلْمِ - هُوَ مَعَ الْحَيَاةِ قَائِمٌ بِالْأَبِ، وَالصِّفَةُ لَيْسَتْ عَيْنَ الْمَوْصُوفِ، بَلْ وَلَا يُعَبَّرُ عَنْهَا بِأَنَّهَا ابْنُ الْمَوْصُوفِ، وَلَا عَبَّرَ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِقَوْلِهِم: وَبِرَبٍّ وَاحِدٍ يَسُوعَ الْمَسِيحِ - عَطْفَ الصِّفَةِ، وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَبُ كَمَا قَالَ: إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِلَهُ إِسْحَاقَ، وَإِلَهُ يَعْقُوبَ فَهَذَا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَالْعَطْفُ لِتَغَايُرِ الصِّفَةِ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالِابْنِ نَفْسَ الْأَبِ لَكَانَ هَذَا خِلَافَ مَذْهَبِهِم، وَيَكُونُونَ قَدْ جَعَلُوهُ إِلَهًا مِنْ نَفْسِهِ فَقَالُوا: إِلَهَانِ، بَلْ ثَلَاثَةٌ، وَهُوَ وَاحِدٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute