صِفَاتٌ لِهَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ.
قِيلَ لَهُمْ أَوَّلًا: لَمْ يُعَبِّرْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَنْ صِفَاتِ اللَّهِ بِاسْمِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ، فَلَيْسَ لَكُمْ إِذَا وَجَدْتُمْ فِي كَلَامِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ذِكْرَ الْإِيمَانِ بِالْأَبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ - أَنْ تَقُولُوا: مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ صِفَةُ اللَّهِ الَّتِي هِيَ الْكَلِمَةُ وَالْعِلْمُ، وَلَا حَيَاةُ اللَّهِ، إِذْ كَانُوا لَمْ يُرِيدُوا هَذَا الْمَعْنَى بِهَذَا اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِاسْمِ الِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ مَا هُوَ بَائِنٌ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَالْبَائِنُ عَنِ اللَّهِ لَيْسَ صِفَةً لِلَّهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَالِقَ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ الْبَشَرُ الْمُتَّحِدُ بِهِ خَالِقًا، فَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعْدَ ضَلَالٍ، ضَلَالًا حَيْثُ جَعَلْتُمْ مُرَادَ الْمَسِيحِ وَغَيْرِهِ بِالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ - صِفَةَ الرَّبِّ، ثُمَّ ضَلَالًا ثَانِيًا حَيْثُ جَعَلْتُمُ الصِّفَةَ خَالِقًا وَرَبًّا، ثُمَّ ضَلَالًا ثَالِثًا حَيْثُ جَعَلْتُمُ الصِّفَةَ تَتَّحِدُ بِبَشَرٍ هُوَ عِيسَى، وَيُسَمَّى الْمَسِيحَ وَيَكُونُ هُوَ الْخَالِقَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَضَلَلْتُمْ فِي الْحُلُولِ ضَلَالًا مُثَلَّثًا بَعْدَ ضَلَالِكُمْ فِي التَّثْلِيثِ أَيْضًا ضَلَالَاتٍ أُخَرَ، حَيْثُ أَثْبَتُّمْ ثَلَاثَ صِفَاتٍ دُونَ غَيْرِهَا، وَجَعَلْتُمُوهَا جَوَاهِرَ أَرْبَابًا، ثُمَّ قُلْتُم: إِلَهٌ وَاحِدٌ، فَضَلَلْتُمْ ضَلَالًا مُثَلَّثًا فِي التَّثْلِيثِ، وَضَلَالًا مُثَلَّثًا فِي الِاتِّحَادِ.
وَقِيلَ لَكُمْ ثَانِيًا: إِذَا جَعَلْتُمْ ذَلِكَ صِفَاتٍ لِلَّهِ، كَمَا أَنَّ الضَّوْءَ وَالنُّطْقَ وَالْحَرَارَةَ صِفَاتٌ لِمَا تَقُومُ بِهَا - امْتَنَعَ أَنْ تَحُلَّ بِغَيْرِهَا، وَامْتَنَعَ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute