للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الصَّوْتَ الَّذِي كَانَ يُسْمَعُ هُوَ صَوْتُ النَّاسُوتِ، فَالتَّمْثِيلُ بِالشَّجَرَةِ أَيْضًا بَاطِلٌ، كَمَا بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.

وَأَمَّا الْحَدِيدُ وَالْخَشَبُ وَغَيْرُهُمَا إِذَا أُلْقِيَ فِي النَّارِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ نَارًا لِاتِّصَالِهِ بِالنَّارِ، لَا أَنَّ النَّارَ الَّذِي اسْتَحَالَ إِلَيْهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فَحَلَّتْ بِهِ، فَهَذَا اسْتِحَالَةٌ بِلَا حُلُولٍ، وَالنَّارُ الَّذِي صَارَتْ فِي الْحَدِيدِ حَادِثَةٌ عَنْ تِلْكَ النَّارِ لَيْسَتْ إِيَّاهَا، ثُمَّ تِلْكَ الْحَدِيدَةُ إِذَا طُرِقَتْ وَقَعَ التَّطْرِيقُ عَلَى النَّارِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أُلْقِيَتْ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا تَمْثِيلًا مُطَابِقًا لَكَانَ الضَّرْبُ وَالصَّلْبُ وَالْإِهَانَةُ وَقَعَ عَلَى اللَّاهُوتِ، وَكَانَ اللَّاهُوتُ هُوَ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِالْمَاءِ، وَهُوَ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ.

وَيُحْكَى عَنْ بَعْضِ طَائِفَةٍ مِنْهُم كَالْيَعْقُوبِيَّةِ أَنَّهُ يَقُولُ بِهَذَا الْكُفْرِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَالْمَلَكِيَّةِ وَالنُّسْطُورِيَّةِ يُنْكِرُهُ، فَهُوَ لَازِمٌ لَهُم، وَكَذَلِكَ إِذَا شَبَّهُوهُ بِالنَّفْسِ وَالْبَدَنِ، فَإِنَّ النَّفْسَ تَتَأَلَّمُ تَأَلُّمَ الْبَدَنِ، وَتَسْتَحِيلُ صِفَاتُهَا بِكَوْنِهَا فِي الْبَدَنِ، وَتَكْتَسِبُ عَنِ الْبَدَنِ أَخْلَاقًا وَصِفَاتٍ، فَلَوْ كَانَ هَذَا تَمْثِيلًا مُطَابِقًا لَزِمَ تَأَلُّمُ اللَّاهُوتِ بِآلَامِ الْبَدَنِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَأَلِّمًا بِجُوعِ الْبَدَنِ وَعَطَشِهِ وَضَرْبِهِ وَصَلْبِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَحِيلًا لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>