للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ تَعَالَى:

{وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: ١٥٧]

مَعْنَاهُ: أَنَّ نَفْيَ قَتْلِهِ هُوَ يَقِينٌ لَا رَيْبَ فِيهِ، بِخِلَافِ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فَإِنَّهُمْ فِي شَكٍّ مِنْهُ مِنْ قَتْلِهِ وَغَيْرِ قَتْلِهِ فَلَيْسُوا مُسْتَيْقِنِينَ أَنَّهُ قُتِلَ ; إِذْ لَا حُجَّةَ مَعَهُمْ بِذَلِكَ.

وَلِذَلِكَ كَانَتْ طَائِفَةٌ مِنَ النَّصَارَى يَقُولُونَ: لَمْ يُصْلَبْ، فَإِنَّ الَّذِينَ صَلَبُوا الْمَصْلُوبَ هُمْ الْيَهُودُ، وَكَانَ قَدِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمُ الْمَسِيحُ بِغَيْرِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ اشْتَبَهَ بِغَيْرِهِ فَلَمْ يَعْرِفُوا مَنْ هُوَ الْمَسِيحُ مِنْ أُولَئِكَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ بَعْضُ النَّاسِ: أَنَا أَعْرِفُهُ فَعَرَفُوهُ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى الْكَلَامِ مَا قَتَلُوهُ عِلْمًا بَلْ ظَنًّا قَوْلٌ ضَعِيفٌ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَالَ - تَعَالَى:

{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: ٥٥] .

فَلَوْ كَانَ الْمَرْفُوعُ هُوَ اللَّاهُوتَ، لَكَانَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِكَلِمَتِهِ: " إِنِّي أَرْفَعُكَ إِلَيَّ "، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ فَالْمَسِيحُ عِنْدَهُمْ هُوَ اللَّهُ.

وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ رَفْعُ نَفْسِهِ إِلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا قَالُوا: هُوَ الْكَلِمَةُ فَهُمْ يَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ إِنَّهُ الْإِلَهُ الْخَالِقُ، لَا يَجْعَلُونَهُ بِمَنْزِلَةِ التَّوْرَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>