للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي هِيَ طَبِيعَةُ كَلِمَةِ اللَّهِ وَرُوحُهُ، وَطَبِيعَةٌ نَاسُوتِيَّةٌ: الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءَ وَاتَّحَدَتْ بِهِ، وَلِمَا تَقَدَّمَ بِهِ الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ مُوسَى النَّبِيِّ، إِذْ يَقُولُ: (أَلَيْسَ هَذَا الْأَبُ الَّذِي خَلَقَكَ وَبَرَاكَ وَاقْتَنَاكَ) قِيلَ: وَعَلَى لِسَانِ دَاوُدَ النَّبِيِّ (رُوحُكَ الْقُدُسُ لَا تُنْزَعُ مِنِّي) وَأَيْضًا عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ النَّبِيِّ: (بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَشَدَّدَتِ السَّمَاوَاتُ وَبِرُوحِ فَاهِ جَمِيعُ قُوَاهُنَّ) وَلَيْسَ يَدُلُّ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى ثَلَاثَةِ خَالِقِينَ، بَلْ خَالِقٍ وَاحِدٍ: الْأَبُ وَنُطْقُهُ: أَيْ كَلِمَتُهُ وَرُوحُهُ: أَيْ حَيَاتُهُ.

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:

{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: ٥٩]

كَلَامٌ حَقٌّ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ هَذَا النَّوْعَ الْبَشَرِيَّ عَلَى الْأَقْسَامِ الْمُمْكِنَةِ ; لِيُبَيِّنَ عُمُومَ قُدْرَتِهِ، فَخَلَقَ آدَمَ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، وَخَلَقَ زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

{وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: ١]

وَخَلَقَ الْمَسِيحَ مِنْ أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ، وَخَلَقَ سَائِرَ الْخَلْقِ مِنْ ذَكَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>