عَنْهُ مَفْرُوزًا عَنْهُ؟ فَكَيْفَ يَصِحُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قِيَاسٌ، أَوْ يَصِحُّ بِهِ عَقْدُ دِينٍ؟ تَقُولُونَ مَرَّةً مُجْتَمِعٌ، وَمَرَّةً مُنْفَصِلٌ، وَمَا شَبَّهْتُمُوهُ بِهِ مِنَ الشَّمْسِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُنَا لِبُطْلَانِ الْحُجَّةِ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ قِيَاسُهُ الْقِيَاسَ الَّذِي تَعَلَّقْتُمْ بِهِ.
عَلَى أَنَّا وَجَدْنَاكُمْ تَقُولُونَ فِي مَعْنَى التَّثْلِيثِ: إِنَّ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَيْهِ مَا ذَكَرْتُمْ أَنَّ " مَتَّى " التِّلْمِيذَ حَكَاهُ فِي الْإِنْجِيلِ عَنِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: (سِيرُوا فِي الْبِلَادِ، وَعَمِّدُوا النَّاسَ بِاسْمِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ) . وَأَنَّكُمْ فَكَّرْتُمْ فِي هَذَا الْقَوْلِ بِعُقُولِكُمْ فَعَلِمْتُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَنْ ثَبَتَ حُدُوثُ الْعَالَمِ عَلِمْتُمْ أَنَّ لَهُ مُحْدِثًا فَتَوَهَّمْتُمُوهُ شَيْئًا مَوْجُودًا، ثُمَّ تَوَهَّمْتُمُوهُ حَيًّا ثُمَّ نَاطِقًا، لِأَنَّ الشَّيْءَ يَنْقَسِمُ لِحَيٍّ وَلَا حَيٍّ، وَالْحَيُّ يَنْقَسِمُ لِنَاطِقٍ وَلَا نَاطِقٍ.
وَأَنَّكُمْ عَلِمْتُمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ شَيْءٌ حَيٌّ نَاطِقٌ، فَأَثْبَتُّمْ لَهُ حَيَاةً وَنُطْقًا غَيْرَهُ فِي الشَّخْصِ وَهُمَا هُوَ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ.
فَنَقُولُ لَكُمْ فِي ذَلِكَ: إِذَا كَانَ الْحَيُّ لَهُ حَيَاةٌ وَنُطْقٌ، فَأَخْبِرُونَا عَنْهُ: أَتَقُولُونَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَزِيزٌ، أَمْ عَاجِزٌ ذَلِيلٌ؟
فَإِنْ قُلْتُمْ: لَا بَلْ هُوَ قَادِرٌ عَزِيزٌ، قُلْنَا: فَأَثْبِتُوا لَهُ قُدْرَةً وَعِزَّةً، كَمَا أَثْبَتُّمْ لَهُ حَيَاةً وَحِكْمَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute