وَتَعَصَّبَ مَعَ " نُسْطُورِسَ " فَجَمَعَ الْأَسَاقِفَةَ الَّذِينَ قَدِمُوا مَعَهُ، فَقَطَعَ بَطْرَكَ إِسْكَنْدَرِيَّةَ وَقَطَعَ أُسْقُفَ " أُفْسُسَ ".
فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابُ بَطْرَكِ إِسْكَنْدَرِيَّةَ قُبْحَ فِعَالِهِ وَقَعَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ عَظِيمٌ، وَخَرَجُوا مِنْ " أُفْسُسَ " وَصَارَ أَصْحَابُ بَطْرَكِ إِسْكَنْدَرِيَّةَ وَالْمَشْرِقِيُّونَ حِزْبَيْنِ، فَلَمْ يَزَلْ " ثُذُوسُ " الْمَلِكُ حَتَّى أَصْلَحَ بَيْنَهُمْ.
وَكَتَبَ الْمَشْرِقِيُّونَ صَحِيفَةً وَثَبَّتُوا فِيهَا الْأَمَانَةَ الصَّحِيحَةَ، وَقَالُوا فِيهَا: إِنَّ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءَ الْقِدِّيسَةَ وَلَدَتْ إِلَهًا رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ، الَّذِي هُوَ مَعَ أَبِيهِ فِي الطَّبِيعَةِ، وَمَعَ النَّاسِ فِي النَّاسُوتِ، وَأَقَرُّوا بِطَبِيعَتَيْنِ وَوَجْهٍ وَاحِدٍ وَأُقْنُومٍ وَاحِدٍ، وَلَعَنُوا " نُسْطُورِسَ " وَوَجَّهُوا بِالصَّحِيفَةِ إِلَى بَطْرَكِ إِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَقَبِلَ الصَّحِيفَةَ وَأَجَابَهُمْ عَنْهَا بِمُوَافَقَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَمَّا قَبِلَ صَحِيفَةَ الْمَشْرِقِيِّينَ بَدَا لَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ طَبِيعَتَيْنِ وَوَجْهًا وَاحِدًا.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْبِطْرِيقِ: وَهُمْ فِي ذَلِكَ كَاذِبُونَ ; لِأَنَّ كُتُبَهُ تَنْطِقُ بِذَلِكَ.
ثُمَّ أَرْسَلَ نُسْخَةَ صَحِيفَةِ الْمَشْرِقِيِّينَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَسَاقِفَةِ يُعْلِمُهُمْ أَنَّ الْمَشْرِقِيِّينَ رَجَعُوا إِلَى الْإِيمَانِ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ مُوَافِقِينَ لِنُسْطُورِسَ.
قَالَ: فَمِنَ الْمَجْمَعِ الثَّانِي إِلَى الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ أُسْقُفًا الْمُجْتَمِعِينَ بِمَدِينَةِ قُسْطَنْطِينَ، وَلَعَنُوا " مَقْدُونْيُوسَ " إِلَى هَذَا الْمَجْمَعِ الْمِائَتَيْنِ أُسْقُفًا الْمُجْتَمِعِينَ بِأُفْسُسَ عَلَى " نُسْطُورِسَ " - إِحْدَى وَخَمْسُونَ سَنَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute