للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَقَدْ تَبَيَّنَ زَائِفُ مَا تَعْتَقِدُهُ النُّسْطُورِيَّةُ مِنْ أَنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتِ الْمَسِيحَ مِنْ جِهَةِ نَاسُوتِهِ لَا مِنْ جِهَةِ لَاهُوتِهِ، وَصَحَّ أَنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتْ إِلَهًا مَسِيحًا وَاحِدًا.

قَالَ: وَيُقَالُ لَهُمْ: إِذَا زَعَمْتُمْ أَنَّ الْمَسِيحَ جَوْهَرَانِ، جَوْهَرٌ قَدِيمٌ وَجَوْهَرٌ مُحْدَثٌ، ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتِ الْمَسِيحَ، فَقَدْ أَقْرَرْتُمْ أَنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتْ هَذَيْنِ الْجَوْهَرَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْمَسِيحُ، وَإِذَا وَلَدَتْهُمَا وَأَحَدُهُمَا إِلَهٌ، فَقَدْ وَلَدَتْ إِلَهًا قَدِيمًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَلِدَ إِلَّا مَا كَانَ مَحْمُولًا، فَهَذَا يُوجِبُ أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ حَامِلَةً لِذَلِكَ الْإِلَهِ.

فَقَدْ تَبَيَّنَ زَائِفُ مَا تَعْتَقِدُهُ النُّسْطُورِيَّةُ، أَنَّ مَرْيَمَ لَمْ تَحْمِلْ إِلَهًا وَلَمْ تَلِدْهُ، وَصَحَّ مَا تَعْتَقِدُهُ الْمَلَكِيَّةُ أَنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتْ إِلَهًا مَسِيحًا وَاحِدًا وَابْنًا وَاحِدًا، أُقْنُومًا وَاحِدًا.

فَيُقَالُ لَهُ: لَيْسَ هَذَا التَّنَاقُضُ مِنَ النُّسْطُورِيَّةِ بِأَعْظَمَ مِنْ تَنَاقُضِ الْمَلَكِيَّةِ فَإِنَّهُمْ - مَعَ قَوْلِهِمْ بِاتِّحَادِ اللَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ، وَأَنَّهُمَا شَخْصٌ وَاحِدٌ - يَقُولُونَ: إِنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَرَّفُ، وَأَنَّهُ أُخِذِ وَصُفِعَ وَوُضِعَ الشَّوْكُ عَلَى رَأْسِهِ وَصُلِبَ وَتَأَلَّمَ وَمَاتَ دُونَ الْآخَرِ.

فَإِذَا كَانَ قَوْلُ النُّسْطُورِيَّةِ مُتَنَاقِضًا، فَقَوْلُ الْمَلَكِيَّةِ أَعْظَمُ تَنَاقُضًا، فَإِذَا مَنَعُوا أَنْ تَحْمِلَ الْمَرْأَةُ وَتَلِدَ النَّاسُوتَ دُونَ اللَّاهُوتِ لِأَجْلِ الِاتِّحَادِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، وَجَبَ أَنْ يَمْنَعُوا أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيُصْلَبَ وَيُقْتَلَ أَحَدُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>