للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ غَيْرِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ اتَّحَدَ بِمُحَمَّدٍ ; لِقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: ١٠] كَانَ هَذَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ النَّصَارَى.

وَالْآيَةُ لَمْ تَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ مُبَايَعَةُ الرَّسُولِ مُبَايَعَةٌ لِلَّهِ ; لِأَنَّ الرَّسُولَ أَمَرَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ، وَنَهَى عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ.

فَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّ اللَّهَ وَلَا شَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِ مَوْلُودٌ الْوِلَادَةَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا وِلَادَةً عَقْلِيَّةً وَرُوحَانِيَّةً، وَلَا فِي كُتُبِهِمْ أَنَّ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تُسَمَّى ابْنًا لِلَّهِ، وَلَا أَنَّ اللَّاهُوتَ ابْنُ اللَّهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَنْطِقُوا بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلُودٌ مِنِ امْرَأَةٍ وِلَادَةً، وَخَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا، فَيَكُونُ مَوْلُودًا وِلَادَةً جُسْمَانِيَّةً.

وَلِهَذَا لَمَّا تَنَازَعَتِ النَّصَارَى فِي ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لِمَنِ ادَّعَاهُ عَلَى مَنْ نَفَاهُ حُجَّةٌ مِنْ نُصُوصِ الْأَنْبِيَاءِ، غَايَةُ مَا عِنْدَهُمُ التَّمَسُّكُ بِأَلْفَاظٍ مُتَشَابِهَةٍ وَتَغْيِيرُ أَلْفَاظٍ صَرِيحَةٍ مُحْكَمَةٍ، تُبَيِّنُ أَنَّ الْمَوْلُودَ إِنَّمَا هُوَ بَشَرٌ.

فَإِذَا قَالُوا فِي الْأَلْفَاظِ الْمُتَشَابِهَةِ: لَا نَعْلَمُ مُرَادَ الرَّسُولِ بِهَا، كَانَ هَذَا مِمَّا قَدْ يُعْذَرُونَ بِهِ، فَإِنَّ الْمُتَشَابِهَ مِنَ النُّصُوصِ لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.

فَإِذَا قَالُوا: لَسْنَا مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>