جَوْهَرِيَّةٍ، وَلَا قَدِيمَةً وَلَا غَيْرَ قَدِيمَةٍ، وَلَا أَرَادُوا بِذَلِكَ حَيَاةَ اللَّهِ.
فَقَوْلُكُمْ هَذَا، تَبْدِيلٌ لِكَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، كَمَا أَنَّكُمْ فِي قَوْلِكُمْ: إِنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ أَوْ عِلْمَهُ أَوْ حَيَاتَهُ مَوْلُودَةٌ مِنْهُ، وَإِنَّ صِفَتَهُ الْقَدِيمَةَ الْأَزَلِيَّةَ هِيَ ابْنُهُ - مِمَّا حَرَّفْتُمْ فِيهِ كَلَامَ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَمْ يُرِدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا الْمَعْنَى بِهَذَا اللَّفْظِ قَطُّ، وَلَمْ يُطْلَقْ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ الَّتِي عِنْدَكُمْ لَفْظُ الِابْنِ الْمَوْلُودِ إِلَّا عَلَى مُحْدَثٍ مَخْلُوقٍ لَا عَلَى شَيْءٍ قَدِيمٍ أَزَلِيٍّ، لَا مَوْصُوفٍ وَلَا صِفَةٍ وَلَا عِلْمٍ، وَلَا كَلَامٍ وَلَا حِكْمَةٍ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ.
وَكُلُّ وِلَادَةٍ فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي عِنْدَكُمْ وَغَيْرِهَا، فَهِيَ وِلَادَةٌ حَادِثَةٌ زَمَانِيَّةٌ، وَكُلُّ مَوْلُودٍ، فَهُوَ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ زَمَانِيٌّ، لَيْسِ فِي الْكُتُبِ وِلَادَةٌ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ وَلَا مَوْلُودٌ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ، كَمَا أَنَّكُمْ ذَكَرْتُمْ ذَلِكَ فِي أَمَانَتِكُمْ وَغَيْرِهَا.
فَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مُمْكِنًا فِي الْعُقُولِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ تَجْعَلُوهُ مَوْجُودًا وَاقِعًا، وَتَقُولُوا: الْأَنْبِيَاءُ أَرَادُوا ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَكُونُوا بَيَّنُوا أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُمْ.
فَإِذَا كَانَ كَلَامُهُمْ صَرِيحًا فِي أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا ذَلِكَ، وَالْمَعْقُولُ الصَّرِيحُ يُنَاقِضُ ذَلِكَ، كَانَ مَا قُلْتُمُوهُ كَذِبًا عَلَى اللَّهِ وَعَلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَمَسِيحِهِ، وَكَانَ بَاطِلًا فِي الْمَعْقُولِ، وَكُنْتُمْ مِمَّنْ قِيلَ فِيهِ: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: ١٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute