للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ لَحْظَةٌ إِلَّا وَهُوَ مُتَّحِدٌ بِهِ.

فَإِذَا أَمْكَنَ أَنْ يُقَارِنَ الْمَخْلُوقُ خَالِقَهُ - وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ أَقَامَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ حَمْلًا كَعَامَّةِ النَّاسِ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْبِطْرِيقِ هَذَا - فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، كَانَ الرَّبُّ مُتَّحِدًا بِالْمُضْغَةِ وَالْجَمَادِ الَّذِي لَا رُوحَ فِيهِ.

وَإِذَا جَازَ عَلَيْهِ هَذَا، جَازَ أَنْ يَتَّحِدَ بِسَائِرِ الْجَمَادَاتِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الرُّوحَ إِنَّمَا نُفِخَتْ فِيهِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا نُفِخَتْ فِيهِ مِنْ حِينِ أَخَذَ الْجَسَدَ مِنْ مَرْيَمَ، وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلَ جُمْهُورِ النَّصَارَى الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ وَصُلِبَ وَفَارَقَتْهُ الرُّوحُ النَّاطِقَةُ الْمَنْفُوخَةُ فِيهِ، وَالْإِلَهُ الْمُتَّحِدُ بِهِ لَمْ يُفَارِقْهُ أَبَدًا، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ مِنْ حِينِ اتَّحَدَ بِنَاسُوتِ الْمَسِيحِ لَمْ يُفَارِقْهُ، بَلْ هُوَ الْآنَ مُتَّحِدٌ بِهِ، وَهُوَ فِي السَّمَاءِ قَاعِدٌ عَنْ يَمِينِ أَبِيهِ، وَذَلِكَ الْقَاعِدُ هُوَ الْخَالِقُ الْقَدِيمُ، وَالْأَبُ هُوَ الْإِلَهُ الْخَالِقُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ، وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ إِلَهٌ وَاحِدٌ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِاتِّحَادِ اللَّاهُوتِ بِجَسَدٍ لَا رُوحَ فِيهِ قَبْلَ النَّفْخِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ إِلَى أَنْ قَامَ مِنْ قَبْرِهِ، فَعَادَتِ الرُّوحُ إِلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>