للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ فِي جِهَةٍ - بِهَذَا الْمَعْنَى - أَيْ هُوَ نَفْسُهُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ؛ فَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ.

وَمَنْ نَفَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: لَيْسَ فِي جِهَةٍ فَقَدْ أَخْطَأَ.

بَلْ طَرِيقُ الِاعْتِصَامِ أَنَّ مَا أَثْبَتَهُ الرُّسُلُ لِلَّهِ، أُثْبِتَ لَهُ، وَمَا نَفَتْهُ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ، نُفِيَ عَنْهُ.

وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي لَمْ تَنْطِقِ الرُّسُلُ فِيهَا بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، كَلَفْظِ الْجِهَةِ وَالْحَيِّزِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَا يُطْلِقُ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا إِلَّا بَعْدَ بَيَانِ الْمُرَادِ.

فَمَنْ أَرَادَ بِمَا أَثْبَتَ مَعْنًى صَحِيحًا، فَقَدْ أَصَابَ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ فِي اللَّفْظِ خَطَأً.

وَمَنْ أَرَادَ بِمَا نَفَاهُ مَعْنًى صَحِيحًا، فَقَدْ أَصَابَ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظِهِ خَطَأً.

وَأَمَّا مَنْ أَثْبَتَ بِلَفْظِهِ حَقًّا وَبَاطِلًا، أَوْ نَفَى بِلَفْظِهِ حَقًّا وَبَاطِلًا، فَكِلَاهُمَا مُصِيبٌ فِيمَا عَنَاهُ مِنَ الْحَقِّ، مُخْطِئٌ فِيمَا عَنَاهُ مِنَ الْبَاطِلِ، قَدْ لَبَّسَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَجَمَعَ فِي كَلَامِهِ حَقًّا وَبَاطِلًا.

وَالْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ مُتَطَابِقُونَ عَلَى أَنَّهُ فِي الْعُلُوِّ.

وَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَا يُقَارِبُ أَلْفَ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا لَا يُحْصَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>