للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّ الْعُقُولَ الْعَشَرَةَ كُلٌّ مِنْهَا عِلْمٌ، فَهُوَ عِلْمٌ وَعَالِمٌ وَمَعْلُومٌ، بَلْ قَالُوا: عَقْلٌ وَعَاقِلٌ وَمَعْقُولٌ، وَعَاشِقٌ وَمَعْشُوقٌ وَعِشْقٌ، وَلَذِيذٌ وَمُلْتَذٌّ وَلَذَّةٌ، فَجَعَلُوهُ - نَفْسَهُ - لَذَّةً وَعَقْلًا وَعِشْقًا، وَجَعَلُوا ذَلِكَ هُوَ الْعَالِمَ الْعَاشِقَ الْمُلْتَذَّ، وَجَعَلُوا نَفْسَ الْعِلْمِ نَفْسَ الْعِشْقِ وَنَفْسَ اللَّذَّةِ؛ فَجَعَلُوهُ - نَفْسَهُ - صِفَاتٍ، وَجَعَلُوهُ ذَاتًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا، وَجَعَلُوا كُلَّ صِفَةٍ هِيَ الْأُخْرَى، وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ - بِصَرِيحِ الْعَقْلِ - بُطْلَانُهُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ - نَفْسَهُ - عِلْمٌ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: هُوَ عَاقِلٌ وَمَعْقُولٌ وَعَقْلٌ؛ يَقُولُ: إِنَّهُ يَعْلَمُ - نَفْسَهُ - بِلَا عِلْمٍ عَلِمَهُ، بَلْ هُوَ الْعَالِمُ، وَهُوَ الْمَعْلُومُ وَهُوَ الْعِلْمُ. وَحَقِيقَةُ كَلَامِهِمْ تَعُودُ إِلَى قَوْلِ أُولَئِكَ؛ فَإِنَّهُمْ إِذَا قَالُوا: إِنَّ الْعِلْمَ الَّذِي يَعْلَمُ بِهِ ذَاتَهُ هُوَ الْعَالِمُ وَهُوَ الْمَعْلُومُ؛ فَقَدْ جَعَلُوا نَفْسَ الْعِلْمِ نَفْسَ الْعَالِمِ وَنَفْسَ الْعِلْمِ نَفْسَ الْمَعْلُومِ وَهِيَ حَقِيقَةُ قَوْلِ أُولَئِكَ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>