للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْرَاضِ الْبَدَنِ، أَوْ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ، فَهَذَا قَوْلٌ مُحْدَثٌ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، وَإِنْ كَانَ مَحْكِيًّا عَنْ أَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ، فَلَيْسَ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَلَا أَئِمَّتِهَا، بَلْ هُمْ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ الْمَذْمُومِ عِنْدَ السَّلَفِ. وَأَئِمَّةُ الْأُمَّةِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ الدَّاخِلِينَ فِي أَهْلِ الْمِلَلِ يَقُولُونَ: إِنَّ الذَّوَاتِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْأَنْبِيَاءُ الْمَلَائِكَةَ هِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْمُتَفَلْسِفَةُ الْمَشَّاءُونَ عُقُولًا، أَوْ عُقُولًا وَنُفُوسًا، وَهَذَا غَلَطٌ عَظِيمٌ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.

فَإِنَّ الْعُقُولَ الَّتِي يُثْبِتُهَا هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةُ لَا حَقِيقَةَ لَهَا عِنْدَ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ، بَلْ وَلَا حَقِيقَةَ لَهَا فِي الْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ، بَلْ حَقِيقَةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا أَعْرَاضٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ - نَفْسَهُ - هُوَ عِلْمٌ، وَجَعَلُوا نَفْسَ الْعِلْمِ هُوَ نَفْسَ الْعَالِمِ، وَنَفْسُ تَصَوُّرِ هَذَا الْقَوْلِ يَكْفِي فِي الْعِلْمِ بِفَسَادِهِ، كَمَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>