للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّفَاتِ، وَإِنَّمَا لَوْ أَثْبَتْنَاهَا لَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ أَوَّلَ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا حُجَّةً عَلَى كَوْنِهِ أَوَّلَ بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي زَعَمُوهُ، كَمَا لَمْ يُقِيمُوا حُجَّةً عَلَى كَوْنِهِ وَاجِبَ الْوُجُودِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ادَّعَوْهُ، بَلْ تَكَلَّمُوا بِأَلْفَاظٍ مُجْمَلَةٍ مُتَشَابِهَةٍ، تَحْتَمِلُ حَقًّا وَبَاطِلًا؛ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ وَاجِبُ الْوُجُودِ بِذَاتِهِ مَوْجُودٌ بِنَفَسِهِ، وَأَنَّهُ الْأَوَّلُ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، وَهُوَ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَهَؤُلَاءِ جَعَلُوا وُجُوبَ الْوُجُودِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ صِفَةً. وَكَوْنُهُ أَوَّلَ بِمَعْنَى أَوَّلِ الْأَعْدَادِ الَّذِي لَا تَعَدُّدَ فِيهِ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاحِدَ وَالْأَوَّلَ الْمُجَرَّدَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّمَا يُقَدَّرُ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ.

فَالذِّهْنُ يُقَدِّرُ وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً، إِلَى سَائِرِ الْأَعْدَادِ الْمُجَرَّدَةِ، وَالْعَدَدُ الْمُجَرَّدُ عَنِ الْمَعْدُودِ إِنَّمَا يُوجَدُ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، فَأَمَّا الْمَوْجُودُ فِي الْخَارِجِ فَإِنَّمَا هِيَ أَعْيَانٌ قَائِمَةٌ بِأَنْفُسِهَا وَصِفَاتِهَا الْقَائِمَةِ بِهَا وَالْأَوَّلُ مِنْهَا هُوَ ذَاتٌ مُتَّصِفَةٌ بِصِفَاتِهَا لَا تُوجَدُ فِي الْأَعْيَانِ، لَيْسَ بِذَاتٍ قَائِمَةٍ بِنَفْسِهَا، وَلَا صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِغَيْرِهَا، بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>