للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الِابْنِ) وَ (رُوحِ الْقُدُسِ) وَبَعْضُهُ مِنْ كَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ الْمُشْرِكِينَ الْمُعَطِّلِينَ، كَقَوْلِهِمْ: " جَوْهَرٌ لَا تَقُومُ بِهِ الصِّفَاتُ ".

وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّكَ تَجِدُ عَامَّةَ عُلَمَاءِ النَّصَارَى - فَضْلًا عَنْ عَامَّتِهِمْ - لَا يَعْرِفُونَ مَا نَسَخَهُ الْمَسِيحُ مِنْ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ مِمَّا أَقَرَّهُ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَنْسَخْهَا كُلَّهَا، وَلَمْ يُقِرَّهَا كُلَّهَا، بَلْ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ لِيُتِمَّهَا لَا لِيُبْطِلَهَا، وَقَدْ أَحَلَّ بَعْضَ مَا حُرِّمَ فِيهَا، كَالْعَمَلِ فِي السَّبْتِ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرُّسُلِ تَصْدِيقُهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوا، وَطَاعَتُهُمْ فِيمَا أَمَرُوا، فَإِذَا كَانَ عَامَّةُ النَّصَارَى لَا يُمَيِّزُونَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِمَّا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ، وَلَا مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ مِمَّا لَمْ يَنْهَهُمْ عَنْهُ - مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّهُ أَقَرَّ كَثِيرًا مِنْ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ، بَلْ أَكْثَرَهَا وَأَحَلَّ بَعْضَهَا فَنَسَخَهُ وَرَفَعَهُ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ هَذَا مِنْ هَذَا، لَمْ يَكُونُوا عَارِفِينَ بِمَا جَاءَ بِهِ الْمَسِيحُ، وَلَا يَعْرِفُونَ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ مُوسَى وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ - فَإِنَّهُمْ لَا يَجُوزُ لَهُمُ الْعَمَلُ بِكُلِّ مَا فِي التَّوْرَاةِ، بَلْ قَدْ نَسَخَ الْمَسِيحُ بَعْضَ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِهِمْ وَاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ.

وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ تَعْطِيلُ جَمِيعِ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْعَمَلُ بِمَا لَمْ يَنْسَخْهُ الْمَسِيحُ، وَعَامَّتُهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَا نَسَخَهُ مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>