للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَمْوَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، حَتَّى فِي بَعْضِ بِلَادِهِمْ يَكُونُ الْمَلِكُ وَالْعَسْكَرُ كُلُّهُمْ نَصَارَى، وَفِيهِمْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ مُسْلِمُونَ لَهُمْ حَاكِمٌ، فَيَرُدُّونَ النَّاسَ فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ إِلَى حُكْمِ شَرْعِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ أَنَّ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ وَإِنْ كَانَ يُسْتَحَبُّ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَعْفُوَ فِيهَا عَنْ ظَالِمِهِ، فَالْحَاكِمُ الَّذِي يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ، مَتَى حَكَمَ عَلَى الْمَظْلُومِ بِتَرْكِ حَقِّهِ كَانَ حَاكِمًا بِالظُّلْمِ لَا بِالْعَدْلِ.

وَلَوْ أَمَرْنَا كُلَّ وَلِيِّ مَقْتُولٍ أَنْ لَا يَقْتَصَّ مِنَ الْقَاتِلِ، وَكُلَّ صَاحِبِ دَيْنٍ أَنْ لَا يُطَالِبَ غَرِيمَهُ، بَلْ يَدَعَهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ، وَكُلَّ مَشْتُومٍ وَمَضْرُوبٍ أَنْ لَا يَنْتَصِفَ مِنْ ظَالِمِهِ، لَمْ يَكُنْ لِلظَّالِمِينَ زَاجِرٌ يَزْجُرُهُمْ، وَظَلَمَ الْأَقْوِيَاءُ الضُّعَفَاءَ، وَفَسَدَتِ الْأَرْضُ. قَالَ تَعَالَى:

{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: ٢٥١] .

فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْعٍ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْعَدْلِ وَلَا بُدَّ - مَعَ ذَلِكَ - مِنْ نَدْبِ النَّاسِ إِلَى الْعَفْوِ وَالْأَخْذِ بِالْفَضْلِ.

وَهَذِهِ شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآيَاتِ مِثْلِ قَوْلِهِ:

{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: ٤٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>