للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَعْفُ عَنْهُ لَزِمَ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنِ انْتَصَفَ مِنَ الظَّالِمِ، ظَالِمًا مُسْتَحِقًّا لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ، وَهَذَا ظُلْمٌ ثَانٍ لِلْمَظْلُومِ الَّذِي انْتَصَفَ؛ فَإِنَّ الظَّالِمَ ظَلَمَهُ أَوَّلًا فَلَمَّا انْتَصَفَ مِنْهُ ظُلِمَ ظُلْمًا ثَانِيًا، فَهُوَ ظُلْمُ الْعَادِلِ انْتَصَفَ مِنْ ظَالِمِهِ.

وَمَا أَحْسَنَ كَلَامَ اللَّهِ حَيْثُ يَقُولُ:.

{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ - وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ - وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ - وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ - وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ - وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ - إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ - وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: ٣٦ - ٤٣] .

وَقَالَ:

{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: ٦٠] .

فَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْكَلَامِ وَأَعْدَلِهِ وَأَفْضَلِهِ حَيْثُ شَرَعَ الْعَدْلَ فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>