للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا نُزُولُ الْقُرْآنِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ ظُهُورِ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: وَاسْتَعْلَنَ مِنْ جِبَالِ فَارَانَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَهَرَ بِهِ نُورُ اللَّهِ وَهُدَاهُ فِي مَشْرِقِ الْأَرْضِ وَمَغْرِبِهَا، أَعْظَمَ مِمَّا ظَهَرَ بِالْكِتَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، كَمَا يَظْهَرُ نُورُ الشَّمْسِ إِذَا اسْتَعْلَتْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا؛ وَلِهَذَا سَمَّاهُ اللَّهُ سِرَاجًا مُنِيرًا، وَسَمَّى الشَّمْسَ سِرَاجًا وَهَّاجًا.

وَالْخَلْقُ يَحْتَاجُونَ إِلَى السِّرَاجِ الْمُنِيرِ، أَعْظَمَ مِنْ حَاجَتِهِمْ إِلَى السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ؛ فَإِنَّ الْوَهَّاجَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، وَكَمَا قِيلَ: قَدْ يَنْضَرُّونَ بِهِ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ، وَأَمَّا السِّرَاجُ الْمُنِيرُ فَيَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَعَلَانِيَةً.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «زُوِيَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَشَارِقُهَا وَمَغَارِبُهَا وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>