بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ. وَمُحَمَّدٌ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَأْيِيدًا لَمْ يُؤَيِّدْهُ لِغَيْرِهِ، فَعَصَمَهُ مِنَ النَّاسِ حَتَّى لَمْ يَخَفْ مِنْ شَيْءٍ يَقُولُهُ، وَأَعْطَاهُ مِنَ الْبَيَانِ وَالْعِلْمِ مَا لَمْ يُؤْتِهِ غَيْرَهُ. فَالْكِتَابُ الَّذِي بُعِثَ بِهِ فِيهِ مِنْ بَيَانِ حَقَائِقِ الْغَيْبِ مَا لَيْسَ فِي كِتَابٍ غَيْرِهِ.
وَأَيَّدَ أُمَّتَهُ تَأْيِيدًا أَطَاقَتْ بِهِ حَمْلَ مَا أَلْقَاهُ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَكُونُوا كَأَهْلِ التَّوْرَاةِ الَّذِينَ حَمَلُوا التَّوْرَاةَ، ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا، وَلَا كَأَهْلِ الْإِنْجِيلِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ الْمَسِيحُ: (إِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لَكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ) ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ أَكْمَلُ عُقُولًا، وَأَعْظَمُ إِيمَانًا، وَأَتَمُّ تَصْدِيقًا وَجِهَادًا ; وَلِهَذَا كَانَتْ عُلُومُهُمْ وَأَعْمَالُهُمُ الْقَلْبِيَّةُ وَإِيمَانُهُمْ أَعْظَمَ.
وَكَانَتِ الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ لِغَيْرِهِمْ أَعْظَمَ، قَالَ تَعَالَى:
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ - لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٢٨٥ - ٢٨٦] .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute