للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: وَلَا شَكَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَمْدِ، مِثْلُ مَا نَقُولُ فِي لُغَتِنَا: ضَارِبٌ وَمَضْرُوبٌ. وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَهُ بِالْمُعِزِّ فَلَمْ يُعْرَفْ قَطُّ نَبِيٌّ أَعَزَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ وَالْإِيمَانِ كَمَا أَعَزَّهُمْ مُحَمَّدٌ، فَهُوَ أَحَقُّ بِاسْمِ الْمُعِزِّ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ.

وَأَمَّا مَعْنَى الْمُخَلِّصِ، فَهُوَ - أَيْضًا - ظَاهِرٌ فِيهِ، فَإِنَّ الْمَسِيحَ هُوَ الْمُخَلِّصُ الْأَوَّلُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْإِنْجِيلِ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّصَارَى أَنَّ الْمَسِيحَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ - سُمِّيَ مُخَلِّصًا، فَيَكُونُ الْمَسِيحُ هُوَ الْفَارَقْلِيطَ الْأَوَّلَ، وَقَدْ بَشَّرَ بِفَارَقْلِيطَ آخَرَ، فَإِنَّهُ قَالَ: (وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الْأَبِ أَنْ يُعْطِيَكُمْ فَارَقْلِيطَ آخَرَ، يَثْبُتُ مَعَكُمْ إِلَى الْأَبَدِ) ، فَهَذِهِ بِشَارَةٌ بِمُخَلِّصٍ ثَانٍ يَثْبُتُ مَعَهُمْ إِلَى الْأَبَدِ، وَالْمَسِيحُ هُوَ الْمُخَلِّصُ الْأَوَّلُ. وَأَمَّا مَا يَنْزِلُ فِي الْقُلُوبِ فَلَمْ يُسَمِّهِ أَحَدٌ مُخَلِّصًا، وَلَا فَارَقْلِيطَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَسَّرَ كَلَامُ الْمَسِيحِ إِلَّا بِلُغَتِهِ، وَمَعَانِيهِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي خَاطَبَ بِهَا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ، بَلْ وَسَائِرُ النَّاطِقِينَ.

وَقَدْ وَصَفَ هَذَا الْمُخَلِّصَ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَثْبُتُ مَعَهُمْ إِلَى الْأَبَدِ، وَمُحَمَّدٌ هُوَ الْمُخَلِّصُ الَّذِي جَاءَ بِشَرْعٍ بَاقٍ إِلَى الْأَبَدِ، لَا يُنْسَخُ.

وَأَيْضًا، فَإِنَّ فِي الْإِنْجِيلِ ; إِنْجِيلَ يُوحَنَّا، أَنَّ الْمَسِيحَ قَالَ: (أُرْكُونُ الْعَالَمِ سَيَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>