للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، فِي مَحْيَاهُ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ، وَأَفْضَلِ الْأَقَالِيمِ شَرْقًا وَغَرْبًا، غَيْرَ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّ الْمُلُوكَ يُطَاعُونَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، وَلَا يُطَاعُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَلَا يُطِيعُهُمْ أَهْلُ الدِّينِ طَاعَةً يَرْجُونَ بِهَا ثَوَابَ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَيَخَافُونَ عِقَابَ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، بِخِلَافِ الْأَنْبِيَاءِ.

وَمُحَمَّدٌ أَظْهَرَ دِينَ الرُّسُلِ قَبْلَهُ، وَصَدَّقَهُمْ، وَنَوَّهَ بِذِكْرِهِمْ وَتَعْظِيمِهِمْ، فَبِهِ آمَنَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ قَبْلَ مُوسَى وَالْمَسِيحِ وَغَيْرِهِمَا أُمَمٌ عَظِيمَةٌ، لَوْلَا مُحَمَّدٌ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِمْ. وَمَنْ كَانَ يَعْرِفُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ فِيهِمْ كَاخْتِلَافِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْمَسِيحِ، وَكَانُوا يَقْدَحُونَ فِي دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمَا بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ.

وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ ذَكَرَ لَهُمْ مِنَ الرُّسُلِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ، مِثْلَ هُودٍ وَصَالِحٍ وَشُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ.

وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَّقَ الْمَسِيحَ فِي أَخْبَارِهِ ; بِأَنَّهُ أُرْكُونُ الْعَالَمِ فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ. آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي، أَنَا خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ إِذَا وَفَدُوا، وَإِمَامُ الْأَنْبِيَاءِ إِذَا اجْتَمَعُوا» .

وَهُوَ صَاحِبُ لِوَاءِ الْحَمْدِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهُوَ سَيِّدُ الْعَالَمِينَ حَقًّا، وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>