للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعَلِّمُكُمْ، وَهُوَ يُذَكِّرُكُمْ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْفَارَقْلِيطَ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ جِبْرِيلَ وَمُحَمَّدٍ جَمِيعًا، وَقَوْلُ أَحَدِهِمَا هُوَ قَوْلُ الْآخَرِ، وَمَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ بَدَلُ الِاشْتِمَالِ ; كَقَوْلِهِ:

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ} [البقرة: ٢١٧] .

وَالشَّهْرُ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ الْقِتَالِ، لَكِنْ لَمَّا اشْتَمَلَ عَلَى الْقِتَالِ أُبْدِلَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ، وَقَوْلُهُ:

{قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا - رَسُولًا} [الطلاق: ١٠ - ١١] .

وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ أُبْدِلَ الرَّسُولُ مِنَ الذِّكْرِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الثَّانِي اشْتَمَلَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالرَّسُولُ الْبَشَرِيُّ كَانَ الرَّسُولُ الْمَلَكِيُّ يَتَّصِلُ بِهِ فِي الْبَاطِنِ فَيَثْقُلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ حِينَ يُنْزِلُهُ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ قَالَ: أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيَفْصِمُ عَنِّي، وَقَدْ وَعِيتُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ. قَالَتْ عَائِشَةُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>