للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْطِيكُمْ فَارَقْلِيطَ آخَرَ، يَثْبُتُ مَعَكُمْ إِلَى الْأَبَدِ وَفِي بَعْضِهَا: " وَالْفَارَقْلِيطُ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي يُرْسِلُهُ أَبِي، هُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ "، فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ يُرْسِلُهُ، وَأَنَّهُ يَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُرْسِلَهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: " فَإِذَا انْطَلَقْتُ أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ " فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: إِنِّي أُرْسِلُهُ بِدُعَاءِ أَبِي، وَطَلَبِي مِنْهُ أَنْ يُرْسِلَهُ، كَمَا يَطْلُبُ الطَّالِبُ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُرْسِلَ رَسُولًا، أَوْ يُوَلِّي نَائِبًا، أَوْ يُعْطِي أَحَدًا، وَيَقُولُ أَنَا أَرْسَلْتُ هَذَا، وَوَلَّيْتُ هَذَا، وَأَعْطَيْتُ هَذَا ; أَيْ كُنْتُ سَبَبًا فِي ذَلِكَ. وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ إِذَا قَضَى مَا يَكَوِّنُ الشَّيْءَ فَإِنَّهُ يُقَدِّرُ لَهُ أَسْبَابًا يَكُونُ بِهَا، وَمِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ دُعَاءُ طَائِفَةٍ مِنْ عِبَادِهِ بِهِ. فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ مِنَ النِّعْمَةِ فِي إِجَابَتِهِ دُعَاءُ هَذَا وَهَذَا وَهَذَا.

وَمُحَمَّدٌ دَعَا بِهِ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ:

{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: ١٢٩] .

مَعَ أَنَّ اللَّهَ قَضَى بِإِرْسَالِهِ، وَأَعْلَنَ بِاسْمِهِ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: " وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ وَقَالَ: " إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ لِمَكْتُوبٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>