للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عَلَى ذَلِكَ - لَازِمٌ لِأَكْمَلِ الطُّرُقِ وَأَتَمِّهَا، حَتَّى ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ فِي جَمِيعِ أَرْضِ الْعَرَبِ الَّتِي كَانَتْ مَمْلُوءَةً مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَمِنْ أَخْبَارِ الْكُهَّانِ، وَطَاعَةِ الْمَخْلُوقِ فِي الْكُفْرِ بِالْخَالِقِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ الْمُحَرَّمَةِ، وَقَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ، لَا يَعْرِفُونَ آخِرَةً وَلَا مَعَادًا، فَصَارُوا أَعْلَمَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَدْيَنَهُمْ وَأَعْدَلَهُمْ وَأَفْضَلَهُمْ، حَتَّى إِنَّ النَّصَارَى لَمَّا رَأَوْهُمْ - حِينَ قَدِمُوا الشَّامَ - قَالُوا: مَا كَانَ الَّذِينَ صَحِبُوا الْمَسِيحَ بِأَفْضَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَهَذِهِ آثَارُ عِلْمِهِمْ وَعَمَلِهِمْ فِي الْأَرْضِ، وَآثَارُ غَيْرِهِمْ يَعْرِفُ الْعُقَلَاءُ فَرْقَ مَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.

وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ ظُهُورِ أَمْرِهِ، وَطَاعَةِ الْخَلْقِ لَهُ، وَتَقْدِيمِهِمْ لَهُ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ، مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُخَلِّفْ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا، وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا لَهُ، إِلَّا بَغْلَتَهُ وَسِلَاحَهُ، وَدِرْعَهُ مَرْهُونَةً عِنْدَ يَهُودِيٍّ عَلَى ثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ابْتَاعَهَا لِأَهْلِهِ، وَكَانَ بِيَدِهِ عَقَارٌ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى أَهْلِهِ، وَالْبَاقِي يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَحَكَمَ بِأَنَّهُ لَا يُورَثُ وَلَا يَأْخُذُ وَرَثَتُهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>