للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّجَاةُ وَالسَّعَادَةُ. وَلَكِنَّ الْأَنْبِيَاءَ بَيَّنُوا ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣] فَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعَةُ هِيَ الَّتِي حَرَّمَهَا تَحْرِيمًا مُطْلَقًا، لَمْ يُبِحْ مِنْهَا شَيْئًا لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَلَا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، بِخِلَافِ الدَّمِ، وَالْمَيْتَةِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُحَرَّمُ فِي حَالٍ، وَيُبَاحُ فِي حَالٍ. وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ مُطْلَقًا. فَالْفَوَاحِشُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالشَّهْوَةِ. وَالْبَغْيُ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَتَعَلَّقُ بِالْغَضَبِ، وَالشِّرْكُ بِاللَّهِ فَسَادُ أَصْلِ الْعَدْلِ فَإِنَّ الشِّرْكَ ظُلْمٌ عَظِيمٌ، وَالْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ فَسَادٌ فِي الْعِلْمِ، فَقَدْ حَرَّمَ سُبْحَانَهُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ، وَهِيَ فَسَادُ الشَّهْوَةِ، وَالْغَضَبِ، وَفَسَادُ الْعَدْلِ، وَالْعِلْمِ. وَقَوْلُهُ: {وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} [الأعراف: ٣٣] يَتَضَمَّنُ تَحْرِيمَ أَصْلِ الظُّلْمِ فِي حَقِّ اللَّهِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ إِيجَابَ الْعَدْلِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ عِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>