للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَانُونًا عَدْلِيًّا يَنْفَعُ بِهِ الْخَلْقَ، وَيَحْمِلُهُمْ بِهِ عَلَى السِّيرَةِ الْعَادِلَةِ بِمَبْلَغِ عِلْمِهِ، كَمَا كَانَ لِلْأُمَمِ مَنْ يَضَعُ لَهُمُ النَّوَامِيسَ مِثْلُ وَاضِعِي النَّوَامِيسِ مِنَ الْيُونَانِ، وَالْهِنْدِ، وَالْفُرْسِ، وَغَيْرِهِمْ. وَإِنْ كَانَ وَاضِعُ النَّامُوسِ مُخْتَصًّا بِقُوَّةٍ قُدْسِيَّةٍ يَنَالُ بِهَا الْعِلْمَ بِسُهُولَةٍ، وَقُوَّةٍ نَفْسِيَّةٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَاتٍ خَارِجَةٍ عَنِ الْعَادَةِ، وَيَكُونُ لَهُ قُوَّةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ تُمَثِّلُ لَهُ فِي نَفْسِهِ أَشْكَالًا نُورَانِيَّةً، وَأَصْوَاتًا يَسْمَعُهَا فِي دَاخِلِ نَفْسِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْخَوَاصَّ الثَّلَاثَةَ هِيَ الَّتِي يَقُولُ ابْنُ سِينَا، وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ: إِنَّهَا خَوَاصُّ النَّبِيِّ، وَمَنْ قَامَتْ بِهِ كَانَ نَبِيًّا، وَالنُّبُوَّةُ مُكْتَسَبَةٌ عِنْدَهُمْ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ مَوْجُودَةً لِكَثِيرٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَلَمْ يَصِلْ بِهَا إِلَى قَرِيبٍ مِنْ دَرَجَةِ الصِّدِّيقِينَ - أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ - كَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَحَوَارِيِّي عِيسَى، وَأَصْحَابِ مُوسَى جَعَلْنَاهَا مِنْ هَذَا الْقِسْمِ؛ إِذْ صَاحِبُ هَذَا قَدْ يَكُونُ فِيهِ عَدْلٌ وَسِيَاسَةٌ بِحَسَبِ مَا مَعَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ، فَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا كَاذِبًا فَاجِرًا أَفَّاكًا أَثِيمًا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ وَالظُّلْمَ، أَوْ يَتَكَلَّمُ بِلَا عِلْمٍ فَيُخْطِئُ خَطَأَ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلَا عِلْمٍ. وَمَنْ يَظُنُّ الْكَذِبَ صِدْقًا وَالْبَاطِلَ حَقًّا، وَالضَّلَالَ هُدًى، وَالْغَيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>