يَكُونُ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَظْلَمِهِمْ، وَأَبْعَدِهِمْ عَنِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ الصَّادِقُ بِالْمُتَنَبِّي الْكَذَّابِ، وَهَذَا مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ. إِذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَالُ غَيْرِهِ فَكَيْفَ بِمَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَالُ نَفْسِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا يَقُولُهُ أَصِدْقٌ هُوَ أَمْ كَذِبٌ؟ وَمَنْ كَانَ جَاهِلًا مَعَ هَذِهِ الدَّعْوَى الْعَظِيمَةِ، الَّتِي لَمْ يَدَّعِ بَشَرٌ مِثْلَهَا، وَمَعَ كَثْرَةِ مَا يُخْبِرُ بِهِ مِنَ الْغُيُوبِ الْمَاضِيَةِ وَالْمُسْتَقْبَلَةِ، وَيَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ مِنَ الْأُمُورِ الْكُلِّيَّةِ وَالسُّنَنِ الْعَامَّةِ وَالشَّرَائِعِ وَالنَّوَامِيسِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنَ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ مَا يَبِينُ لِأَكْثَرِ الْخَلْقِ. فَإِذَا كَانَتْ أَخْبَارُهُ عَنِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَالَّذِي يَأْمُرُ بِهِ هُوَ الطَّرِيقُ الْأَقْوَمُ، وَالْكِتَابُ الَّذِي جَاءَ بِهِ كِتَابٌ مُتَشَابِهٌ مَثَانِي، يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي الصِّدْقِ، قَالَ تَعَالَى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute