للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِفَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ذَلِكَ يُعْجِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَهُ أَصْحَابُهُ. قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَكُنْتُ أُحَدِّثُهُمْ بِذَلِكَ وَهَذَا أَمْرٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعُظَمَائِهِمْ.

وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو حَاتِمٍ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ جَيْشٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - أَنَا أَمِيرُهُمْ - حَتَّى نَزَلْنَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَقَالَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ: أَخْرِجُوا إِلَيَّ رَجُلًا يُكَلِّمُنِي وَأُكَلِّمُهُ، فَقُلْتُ: لَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ غَيْرِي، قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَمَعِي تُرْجُمَانِي وَمَعَهُ تُرْجُمَانُهُ، فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ؟ فَقُلْتُ: نَحْنُ الْعَرَبُ، وَنَحْنُ أَهْلُ الشَّوْكِ، وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، كُنَّا أَضْيَقَ النَّاسِ أَرْضًا، وَأَجْهَدَهُمْ عَيْشًا، نَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ، وَيُغِيرُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى خَرَجَ فِينَا رَجُلٌ لَيْسَ بِأَعْظَمِنَا يَوْمَئِذٍ، وَلَا بِأَكْثَرِنَا مَالًا، فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، فَأَمَرَنَا بِمَا لَا نَعْرِفُ، وَنَهَانَا عَمَّا كُنَّا عَلَيْهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا، فَكَذَّبْنَاهُ وَرَدَدْنَا عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ، حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِ قَوْمٌ غَيْرُنَا فَقَاتَلَنَا وَظَهَرَ عَلَيْنَا وَغَلَبَنَا، وَتَنَاوَلَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى ظَهَرَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ يَعْلَمُ مَنْ وَرَائِي مِنَ الْعَرَبِ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا جَاءَكُمْ حَتَّى يُشْرِكَكُمْ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْعَيْشِ. فَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَكُمْ قَدْ صَدَقَ، قَدْ جَاءَتْنَا رُسُلُنَا بِمِثْلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُكُمْ، فَإِنْ أَنْتُمْ أَخَذْتُمْ بِأَمْرِ نَبِيِّكُمْ لَمْ يُقَاتِلْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبْتُمُوهُ، وَلَنْ يُشَارِكَكُمْ أَحَدٌ إِلَّا ظَهَرْتُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلْتُمْ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْنَا وَتَرَكْتُمْ أَمْرَ نَبِيِّكُمْ لَمْ تَكُونُوا أَكْثَرَ عَدَدًا مِنًّا وَلَا أَشَدَّ مِنَّا قُوَّةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>