للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الْعُبَّادِ الَّذِينَ لَهُمْ إِلْهَامٌ مِنَ الْمَلَكِ، وَوَسْوَاسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ بِأَنَّهُ نَبِيٌّ، وَيَقُولُ: أَنَا أَرْسَلَنِي اللَّهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ، وَلَوْ بِبَعْضِ الْوُجُوهِ، مِثْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ بِكَذِبٍ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الشَّيْطَانِ الَّذِي قَالَ لَهُ: أَنَّهُ نَبِيٌّ لَا بُدَّ أَنْ يَكْذِبَ فِيمَا يُخْبِرُهُ بِهِ.

وَمِثْلَ إِخْبَارِ الصَّادِقِ لَهُ بِأَنَّ هَذَا كَذِبٌ، فَإِذَا أَتَاهُ الشَّيْطَانُ بِالْكَذِبِ لَا بُدَّ أَنْ يُخْبِرَهُ الصَّادِقُ الَّذِي يَأْتِيهِ بِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ بِأُمُورٍ جُزْئِيَّةٍ، إِذْ إِخْبَارُهُ بِأَنَّهُ نَبِيٌّ صَادِقٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ يُهْلِكُهُ هَلَاكًا عَظِيمًا، وَيُفْسِدُ عَلَى الصَّادِقِ جَمِيعَ مَا يَأْتِيهِ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يُصَدِّقَ ذَلِكَ الْكَاذِبَ فِي كُلِّ مَا يُخْبِرُهُ بِهِ، إِذْ قَدِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ كَاذِبًا، وَلَا يَعْرِفُ أَنَّهُ كَاذِبٌ

فَلَا يَكُونُ مِثْلَ ابْنِ صَيَّادٍ وَنَحْوِهِ، مِمَّنْ يُعْرَفُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، بَلْ أَضَلُّ مِنْ هَؤُلَاءِ: يَظُنُّ أَنَّ كُلَّ مَا يَأْتِيهِ فَهُوَ صَادِقٌ، وَلِهَذَا كُلُّ مَنْ كَانَ يَأْتِيهِ إِخْبَارٌ مَلَكِيٌّ صَادِقٌ، وَإِخْبَارٌ شَيْطَانِيٌّ كَاذِبٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ يَأْتِيهِ كَاذِبٌ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ لَهُ الْكَذِبُ فِيمَا يُخْبِرُهُ بِهِ الشَّيْطَانُ الْكَاذِبُ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>