للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا كَانَ أُولَئِكَ فِيمَا يَنْقُلُونَهُ عَنْ مَتْبُوعِهِمْ مُتَّفِقِينَ عَلَيْهِ جَازِمِينَ بِتَصْدِيقِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا صِدْقًا، فَهَؤُلَاءِ مَعَ جَزْمِهِمْ بِالصِّدْقِ، وَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى التَّصْدِيقِ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ مَا جَزَمُوا بِصِدْقِهِ إِلَّا صِدْقًا.

وَعَامَّةُ أَخْبَارِ الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ عَلَى التَّصْدِيقِ بِهَا، وَجَزَمُوا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي أَحَادِيثَ قَلِيلَةٍ مِنْهَا، وَعَامَّةُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ آيَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي فِي الصِّحَاحِ هِيَ مِنْ مَوَارِدِ إِجْمَاعِهِمُ الْمُسْتَفِيضَةِ عِنْدَهُمُ الَّتِي يَجْزِمُونَ بِصِدْقِهَا، لَيْسَتْ مِنْ مَوَارِدِ نِزَاعِهِمْ، فَهَذَا طَرِيقٌ يَسْلُكُهُ مَنْ عَرَفَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَيَعْلَمُ خِيرَةُ أَهْلِهِ مَنْ كَانَ خَبِيرًا بِهِمْ، فَهَذِهِ طَرِيقَانِ فِي تَصْدِيقِ هَذِهِ الْآيَاتِ: التَّوَاتُرُ الْعَامُّ، وَالتَّوَاتُرُ الْخَاصُّ.

الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: التَّوَاتُرُ الْمَعْنَوِيُّ، وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ عَامَّةُ الطَّوَائِفِ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ يَسْمَعُونَ أَخْبَارًا مُتَفَرِّقَةً بِحِكَايَاتٍ يَشْتَرِكُ مَجْمُوعُهَا فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ، كَمَا سَمِعُوا أَخْبَارًا مُتَفَرِّقَةً تَتَضَمَّنُ شَجَاعَةَ عَنْتَرَةَ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأَمْثَالِهِمَا، وَتَتَضَمَّنُ سَخَاءَ حَاتِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>