للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَانَ ظُهُورُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى عَدُوِّهِمْ تَارَةً، وَظُهُورُ عَدُوِّهِمْ تَارَةً مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ ظُهُورُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوِّهِمْ تَارَةً، وَظُهُورُ عَدُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ تَارَةً هُوَ مِنْ دَلَائِلِ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ وَأَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ، وَكَانَ نَصْرُ اللَّهِ لِمُوسَى وَقَوْمِهِ عَلَى عَدُوِّهِمْ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، كَمَا جَرَى لَهُمْ مَعَ يُوشَعَ وَغَيْرِهِ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ مُوسَى، وَكَذَلِكَ انْتِصَارُ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ مَعَ خُلَفَائِهِ مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ وَدَلَائِلِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَنْتَصِرُونَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ أَحْيَانًا، فَإِنَّ أُولَئِكَ لَا يَقُولُ مُطَاعُهُمْ: إِنِّي نَبِيٌّ، وَلَا يُقَاتِلُونَ أَتْبَاعَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى دِينٍ، وَلَا يَطْلُبُونَ مِنْ أُولَئِكَ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، بَلْ قَدْ يُصَرِّحُونَ بِأَنَّا إِنَّمَا نُصِرْنَا عَلَيْكُمْ بِذُنُوبِكُمْ، وَأَنْ لَوِ اتَّبَعْتُمْ دِينَكُمْ لَمْ نُنْصَرْ عَلَيْكُمْ، وَأَيْضًا فَلَا عَاقِبَةَ لَهُمْ، بَلِ اللَّهُ يُهْلِكُ الظَّالِمَ بِالظَّالِمِ ثُمَّ يُهْلِكُ الظَّالِمِينَ جَمِيعًا، وَلَا قَتِيلُهُمْ يَطْلُبُ بِقَتْلِهِ سَعَادَةً بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا يَخْتَارُونَ الْقَتْلَ لِيُسْعَدُوا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِمَّا يَظْهَرُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ انْتِصَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ، وَبَيْنَ ظُهُورِ بَعْضِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَوْ ظُهُورِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>