بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَا مَنَعَهُ أَنْ يُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَكْذِيبُ الْأَوَّلِينَ بِهَا الَّذِي اسْتَحَقُّوا بِهَا الْهَلَاكَ، فَإِذَا كَذَّبَ بِهَا هَؤُلَاءِ اسْتَحَقُّوا مَا اسْتَحَقَّهُ أُولَئِكَ مِنْ عَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَذْكُورٌ فِي عَامَّةِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ، وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْأَسَانِيدِ الثَّابِتَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ مَا رَوَاهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْمُسْنَدِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا، وَأَنْ يُنَحِّيَ عَنْهُمُ الْجِبَالَ حَتَّى يَزْرَعُوا. قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ تَسْتَأْنِي بِهِمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤْتِيَهُمُ الَّذِي سَأَلُوا فَإِنْ كَفَرُوا هَلَكُوا كَمَا أَهْلَكْتُ مَنْ قَبْلَهُمْ. قَالَ: لَا بَلْ أَسْتَأْنِي بِهِمْ» . فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ:
{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} [الإسراء: ٥٩]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute