وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ فَهُوَ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِلَّا الْكُلِّيَّاتِ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنَ الْمَوْجُودَاتِ الْمُعَيَّنَةِ لَا الْأَفْلَاكَ وَلَا الْأَمْلَاكَ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ بِأَعْيَانِهَا، وَالدُّعَاءُ عِنْدَهُمْ: هُوَ تَصَوُّفُ النَّفْسِ الْقَوِيَّةِ فِي هَيُولِي الْعَالَمِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ هُوَ النَّفْسُ الْفَلَكِيَّةُ، وَأَنَّ حَوَادِثَ الْأَرْضِ كُلَّهَا إِنَّمَا تَحْدُثُ عَنْ حَرَكَةِ الْفَلَكِ، كَمَا قَدْ بُسِطَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُونُوا يُثْبِتُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، بَلْ وَلَا كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الْكَوَاكِبَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ خَلَقَتِ الْعَالَمَ، وَلَا أَنَّ الْأَصْنَامَ تَخْلُقُ شَيْئًا مِنَ الْعَالَمِ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ قَوْمَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ النَّجْمَ أَوِ الشَّمْسَ أَوِ الْقَمَرَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، أَوْ أَنَّ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ هَذَا رَبِّي أَرَادَ بِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا بَيِّنًا، بَلْ قَوْمُ إِبْرَاهِيمَ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالصَّانِعِ، وَكَانُوا يُشْرِكُونَ بِعِبَادَتِهِ كَأَمْثَالِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute