للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تَعَالَى: {الم - أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ - وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ - أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [العنكبوت: ١ - ٤] .

وَالْفِتْنَةُ هِيَ الِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ، كَمَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: ١٥٥] .

أَيِ امْتِحَانُكَ وَاخْتِبَارُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ خَالَفَ الرُّسُلَ وَتَهْدِي بِهَا مَنِ اتَّبَعَهُمْ.

وَالْفِتْنَةُ لِلْإِنْسَانِ كَفِتْنَةِ الذَّهَبِ إِذَا أُدْخِلَ كِيرَ الِامْتِحَانِ، فَإِنَّهَا تُمَيِّزُ جَيِّدَهُ مِنْ رَدِيئِهِ، فَالْحَقُّ كَالذَّهَبِ الْخَالِصِ، كُلَّمَا امْتُحِنَ ازْدَادَ جَوْدَةً، وَالْبَاطِلُ كَالْمَغْشُوشِ الْمُضِيءِ، إِذَا امْتُحِنَ ظَهَرَ فَسَادُهُ.

فَالدِّينُ الْحَقُّ كُلَّمَا نَظَرَ فِيهِ النَّاظِرُ، وَنَاظَرَ عَنْهُ الْمُنَاظِرُ، ظَهَرَتْ لَهُ الْبَرَاهِينُ، وَقَوِيَ بِهِ الْيَقِينُ، وَازْدَادَ بِهِ إِيْمَانُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَشْرَقَ نُورُهُ فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ.

وَالدِّينُ الْبَاطِلُ إِذَا جَادَلَ عَنْهُ الْمُجَادِلُ، وَرَامَ أَنْ يُقِيمَ عُودَهُ الْمَائِلَ، أَقَامَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْ يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>