فَمِنْهُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ الظَّنُّ خَطَأً، وَيَكُونُ بَيْنَهُمْ فِيهِ نِزَاعٌ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ نَصُّ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعَ هَذَا الْقَوْلِ.
وَمِنْهُ مَا يَكُونُ ظَنُّ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ صَوَابًا، وَيَكُونُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثَرٌ خَفِيَتْ دَلَالَتُهُ أَوْ مَعْرِفَتُهُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ.
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَكْمَلَ الدِّينَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَبَيَّنَهُ، وَبَلَّغَهُ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ، فَلَا تَحْتَاجُ أُمَّتُهُ إِلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ يُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ دِينِهِ، وَإِنَّمَا تَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ دِينِهِ الَّذِي بُعِثَ بِهِ فَقَطْ، وَأُمَّتُهُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، بَلْ لَا يَزَالُ فِي أُمَّتِهِ طَائِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالْحَقِّ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، فَأَظْهَرَهُ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ، وَأَظْهَرَهُ بِالْيَدِ وَالسِّنَانِ، وَلَا يَزَالُ فِي أُمَّتِهِ أُمَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِهَذَا وَهَذَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ مَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ إِجْمَاعًا ظَاهِرًا تَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ، فَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ لَا نَشْهَدُ بِالْعِصْمَةِ إِلَّا لِمَجْمُوعِ الْأُمَّةِ، وَأَمَّا كَثِيرٌ مِنْ طَوَائِفِ الْأُمَّةِ فَفِيهِمْ بِدَعٌ مُخَالِفَةٌ لِلرَّسُولِ، وَبَعْضُهَا مِنْ جِنْسِ بِدَعِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَفِيهِمْ فُجُورٌ وَمَعَاصِي، لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى لَهُ: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} [الشعراء: ٢١٦] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute