للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَنْبِيَاءِ فِيهَا نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ، مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْآيَاتِ لَيْسَ مَنْسُوخًا، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ: أَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ حَالِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْمًا ضَرُورِيًّا يَقِينِيًّا مُتَوَاتِرًا لَا يَجُوزُ دَفْعُهُ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ مَعْلُومٌ لِكُلِّ مَنْ عَرَفَ أَخْبَارَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ مُمْكِنٌ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ، كَمَا أَنَّ الْعِلْمَ بِنُبُوَّتِهِ وَصِدْقِهِ مُمْكِنٌ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ عُمُومُ رِسَالَتِهِ، فَلَيْسَ الْعِلْمُ بِأَحَدِهِمَا مَوْقُوفًا عَلَى الْآخَرِ، وَلِهَذَا كَانَ كَثِيرٌ مِمَّنْ يُكَذِّبُهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَطَائِفَةٌ مِمَّنْ تُقِرُّ بِنُبُوَّتِهِ وَصِدْقِهِ لَا تُقِرُّ بِأَنَّهُ رَسُولٌ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: الْكَلَامُ مَعَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ الْعِلْمَ بِعُمُومِ دَعْوَتِهِ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ هُوَ مُتَوَاتِرٌ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ كَالْعِلْمِ بِنَفْسِ مَبْعَثِهِ وَدُعَائِهِ الْخَلْقَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَكَالْعِلْمِ بِهِجْرَتِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمَجِيئِهِ بِهَذَا الْقُرْآنِ، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وَإِيجَابِ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ، وَتَحْرِيمِ الظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَإِنْ قِيلَ: بَلْ فِي الْقُرْآنِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ رِسَالَتَهُ خَاصَّةٌ، وَفِيهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ رِسَالَتَهُ عَامَّةٌ وَهَذَا تَنَاقُضٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>