وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي مَبْعَثِ الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَقَاصِدَ غَيْرَ بَيَانِ الْمُخْتَلِفِ فِي عِلْمِ هَؤُلَاءِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْآيَةِ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ} [يس: ٦] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ لِمُجَرَّدِ الْإِنْذَارِ، بَلْ وَلِيُبَشِّرَ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَلِأَمْرِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيِهِمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَحْلِيلِ الطَّيِّبَاتِ، وَتَحْرِيمِ الْخَبَائِثِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ الرُّسُلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [النساء: ١٦٥] .
وَقَوْلُهُ: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [الأنعام: ٤٨] . لَا يُنَافِي كَوْنَهُ لَمْ يَصِفْهُمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِلَّا بِالْإِنْذَارِ، وَقَدْ قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا - قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا - مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا - وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا - مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: ١ - ٥] .
وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ مَرَّةً صَلَّوْا صَلَاةَ الْعِيدِ بِحَضْرَةِ حِصَارِ النَّصَارَى فَقَامَ خَطِيبُهُمْ فَخَطَبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَمَّا قَرَأَ قَوْلَهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute