وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} [الشورى: ٢٤] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [الشورى: ٢٤] .
فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ} [الشورى: ٢٤] كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، لَيْسَ دَاخِلًا فِي جَوَابِ الشَّرْطِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ، لَقَالَ وَيُحِقِّ الْحَقَّ بِالْكَسْرِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: ٢] .
فَلَمَّا قَالَ {وَيُحِقُّ الْحَقَّ} [الشورى: ٢٤] بِالضَّمِّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ أَخْبَرَ فِيهَا أَنَّهُ تَعَالَى يَمْحُو الْبَاطِلَ كَبَاطِلِ الْكَاذِبِينَ عَلَيْهِ، وَيُحِقُّ الْحَقَّ كَحَقِّ الصَّادِقِينَ عَلَيْهِ، فَمَحْوُ الْبَاطِلِ نَظِيرُ إِحْقَاقِ الْحَقِّ، لَيْسَ مِمَّا عُلِّقَ بِالْمَشِيئَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْخَتْمِ عَلَى قَلْبِهِ، فَإِنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَشِيئَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَلَّقَ بِالْمَشِيئَةِ مَحْوُ الْبَاطِلِ كَتَعْلِيقِ الْخَتْمِ، بَلْ يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute