فِي هَذَا الْكِتَابِ كُفْرَ النَّصَارَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَأَمَرَ بِجِهَادِهِمْ فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَوْ إِلَى طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَقَدْ أَخْبَرَ بِكُفْرِ النَّصَارَى وَضَلَالِهِمْ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ الِاحْتِجَاجُ بِشَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ وَالْمَعْقُولِ، بَلْ يُعْلَمُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ أَنَّ كُلَّ مَا يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ دِينِهِمْ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَسَادُ حُجَجِهِمْ عَلَى التَّفْصِيلِ ; لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَقُولُونَ إِلَّا حَقًّا كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا حَكَمَ بِكُفْرِ مَنْ كَذَّبَهُ مِنَ الْيَهُودِ كَانَ كُلُّ مَا يَحْتَجُّ بِهِ الْيَهُودُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ بَاطِلًا فَكُلُّ مَا عَارَضَ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَعْصُومِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَذَّبُوا مُحَمَّدًا تَكْذِيبًا عَامًّا مُطْلَقًا وَقَالُوا لَيْسَ هُوَ نَبِيٌّ أَصْلًا وَلَا أُرْسِلَ إِلَى أَحَدٍ لَا إِلَى الْعَرَبِ وَلَا إِلَى غَيْرِهِمْ بَلْ كَانَ كَذَّابًا امْتَنَعَ مَعَ هَذَا أَنْ يُصَدِّقُوا بِنُبُوَّةِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ نُبُوَّةُ مُوسَى وَعِيسَى يُعْلَمُ بِهِ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِذَا قَالُوا: عُلِمَتْ نُبُوَّةُ مُوسَى وَالْمَسِيحِ بِالْمُعْجِزَاتِ وَعُرِفَتِ الْمُعْجِزَاتُ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ إِلَيْنَا قِيلَ لَهُمْ مُعْجِزَاتُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْظَمُ وَتَوَاتُرُهَا أَبْلَغُ وَالْكِتَابُ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْمَلُ وَأُمَّتُهُ أَفْضَلُ وَشَرَائِعُ دِينِهِ أَحْسَنُ وَمُوسَى جَاءَ بِالْعَدْلِ وَعِيسَى جَاءَ بِتَكْمِيلِهَا بِالْفَضْلِ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute