للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيعِ مَا يُبَلِّغُهُ فَيَمْتَنِعُ مَعَ هَذَا تَنَاقُضُ أَخْبَارِهِ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا صَادِقَةٌ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ صَادِقٍ وَلَوْ فِي كَلِمَةٍ فَلَا يَكُونُ رَسُولًا لِلَّهِ، فَلَا يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِمَّا يُخْبِرُ بِهِ عَنِ اللَّهِ كَانَ تَمْثِيلُ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ بِالْمُقِرِّ بِاسْتِيفَاءِ وَثِيقَتِهِ تَمْثِيلًا بَاطِلًا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْوَثِيقَةِ الَّذِي أَقَرَّ بِوَفَائِهَا بَعْدُ، كَانَتْ لَهُ حُجَّةً ثُمَّ اسْتَوْفَاهَا.

وَمَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِمَّا صَادِقٌ وَإِمَّا كَاذِبٌ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِبَعْضِ كَلَامِهِ دُونَ بَعْضٍ، وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: مَقْصُودِي أُبَيِّنُ أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ، وَأَنَّ نَفْسَ كَلَامِهِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْنَا، وَأَنَّ دِينَنَا حَقٌّ، كَمَا أَنَّ نَفْسَ كَلَامِ الَّذِي كَانَ لَهُ الْحَقُّ هُوَ الْمُقِرُّ بِالْوَفَاءِ، قِيلَ: إِنْ كَانَ كَلَامُهُ مُتَنَاقِضًا فَلَيْسَ بِرَسُولٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَحْتَجَّ بِشَيْءٍ مِمَّا بَلَّغَهُ عَنِ اللَّهِ بِخِلَافِ الْمُقِرِّ بِالْوَفَاءِ، فَإِنَّ إِقْرَارَهُ مَقْبُولٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ بِالْوَفَاءِ، وَإِقْرَارُ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ وَشَهَادَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولَةٌ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَفَاسِقًا، بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ وَخَبَرِهِ عَنِ اللَّهِ.

فَمَنْ شَبَّهَ إِقْرَارَ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِ الَّذِي يَقُولُ: إنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى غَايَةِ جَهْلِهِ بِالْقِيَاسِ وَالِاعْتِبَارِ وَالتَّمْثِيلِ. فَإِنَّ إِقْرَارَ الْمُقِرِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>