للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ لَهُمْ رَابِعًا: هُمْ إِنَّمَا يُصَدِّقُونَ مُوسَى وَعِيسَى اللَّذَيْنِ بَشَّرَا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ كَانَا قَدْ بَشَّرَا بِهِ فَثَبَتَتْ نُبُوَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا بَشَّرَا بِهِ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا بِالْمُبَشِّرِينَ بِهِ وَبِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ اللَّذَيْنِ هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِمَا.

فَإِنْ قُدِّرَ عَدَمُ ذَلِكَ فَهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ وُجُودَ مُوسَى وَعِيسَى وَتَوْرَاةً وَإِنْجِيلَ مُنَزَّلَيْنِ مِنَ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِمَا ذِكْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَإِنْ قَالُوا: نَحْنُ صَدَّقْنَا هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءَ بِلَا عِلْمٍ لَنَا بِصِدْقِهِمْ وَطَرِيقٍ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِمْ ; لِأَنَّ هَذَا دِينُ آبَائِنَا وَجَدْنَاهُمْ يُعَظِّمُونَ هَؤُلَاءِ وَيَقُولُونَ هُمْ أَنْبِيَاءُ فَاتَّبَعْنَا آبَاءَنَا فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ مِنْ أَكْثَرِهِمْ قِيلَ فَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلُكُمْ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَفِيمَا شَهِدُوا بِهِ إِنْ كَانُوا شَهِدُوا فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونُوا عَالِمِينَ بِهِ بَلْ مُتَّبِعِينَ فِيهِ لِآبَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ وَهُوَ أَنَّ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ اعْتِقَادِ دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ لَا عِلْمَ لَكُمْ وَلَا دَلِيلَ لَكُمْ عَلَى صِحَّتِهِ بَلْ أَنْتُمْ فِيهِ مُتَّبِعُونَ لِآبَائِكُمْ كَاتِّبَاعِ الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ لِآبَائِهِمْ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا حَالُ النَّصَارَى وَلِهَذَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ ضُلَّالًا فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: ٧٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>