وَلِسَانِهِمْ وَإِمَّا بِالتَّرْجَمَةِ لَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِقَوْمِهِ أَوَّلًا لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الرِّسَالَةِ لَا لَهُمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ وَإِذَا تَبَيَّنَ لِقَوْمِهِ أَوَّلًا حَصَلَ الْبَيَانُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ بِتَوَسُّطِهِمْ وَقَوْمَهُ إِلَيْهِمْ بُعِثَ أَوَّلًا وَلَهُمْ دَعَا أَوَّلًا وَأَنْذَرَ أَوَّلًا وَلَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ إِلَى غَيْرِهِمْ لَكِنْ إِذَا تَبَيَّنَ لِقَوْمِهِ لِكَوْنِهِ بِلِسَانِهِمْ أَمْكَنَ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَعْرِفَهُ غَيْرُ قَوْمِهِ إِمَّا بِتَعَلُّمِهِ بِلِسَانِهِمْ وَإِمَّا بِتَعْرِيفٍ بِلِسَانٍ يُفْهَمُ بِهِ وَالرَّجُلُ يَكْتُبُ كِتَابَ عِلْمٍ فِي طِبٍّ أَوْ نَحْوٍ أَوْ حِسَابٍ بِلِسَانِ قَوْمِهِ ثُمَّ يُتَرْجَمُ ذَلِكَ الْكِتَابُ وَيُنْقَلُ إِلَى لُغَاتٍ أُخَرَ وَيَنْتَفِعُ بِهِ أَقْوَامٌ آخَرُونَ كَمَا تُرْجِمَتْ كُتُبُ الطِّبِّ وَالْحِسَابِ الَّتِي صُنِّفَتْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيِّ وَانْتَفَعَ بِهَا الْعَرَبُ وَعَرَفُوا مُرَادَ أَصْحَابِهَا وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ لَهَا أَوَّلًا إِنَّمَا صَنَّفَهَا بِلِسَانِ قَوْمِهِ وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي بَيَانِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا سَعَادَةُ الْآخِرَةِ وَالنَّجَاةُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ فِي الْعُلُومِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا سَعَادَةُ الْآخِرَةِ وَالنَّجَاةُ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُنْقَلَ مِنْ لِسَانٍ إِلَى لِسَانٍ حَتَّى يَفْهَمَ أَهْلُ اللِّسَانِ الثَّانِي بِهَا مَا أَرَادَهُ بِهَا الْمُتَكَلِّمُ بِهَا أَوَّلًا بِاللِّسَانِ الْأَوَّلِ.
وَأَبْنَاءُ فَارِسَ الْمُسْلِمُونَ لَمَّا كَانَ لَهُمْ مِنْ عِنَايَةٍ بِهَذَا تَرْجَمُوا مَصَاحِفَ كَثِيرَةً فَيَكْتُبُونَهَا بِالْعَرَبِيِّ وَيَكْتُبُونَ التَّرْجَمَةَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَكَانُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَبْعَدَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الرُّومِ وَالنَّصَارَى فَإِذَا كَانَ الْفُرْسُ الْمَجُوسُ قَدْ وَصَلَ إِلَيْهِمْ مَعَانِي الْقُرْآنِ بِالْعَرَبِيِّ وَتَرْجَمَتَهُ فَكَيْفَ لَا يَصِلُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ وَعَامَّةُ الْأُصُولِ الَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute