للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِبَادَتِهِ كَمَا أَنْتَ هَادٍ أَيْ دَاعٍ لِمَنْ أُرْسِلْتَ إِلَيْهِ وَالْهَادِي بِمَعْنَى الدَّاعِي الْمُعَلِّمِ الْمُبَلِّغِ لَا بِمَعْنَى الَّذِي يَجْعَلُ الْهُدَى فِي الْقُلُوبِ كَقَوْلِهِ: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] (٥٢) {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٥٣] وَقَوْلِهِ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: ١٧] وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا أَكْثَرَ الْأُمَمِ أَنْبِيَاءً بُعِثَ إِلَيْهِمْ مُوسَى وَبُعِثَ إِلَيْهِمْ بَعْدَهُ أَنْبِيَاءُ كَثِيرُونَ حَتَّى قِيلَ أَنَّهُمْ أَلْفُ نَبِيٍّ وَكُلُّهُمْ يَأْمُرُونَ بِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ وَلَا يُغَيِّرُونَ مِنْهَا شَيْئًا ثُمَّ جَاءَ الْمَسِيحُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَرِيعَةٍ أُخْرَى غَيَّرَ فِيهَا بَعْضَ شَرْعِ التَّوْرَاةِ بِأَمْرِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ.

فَإِذَا كَانَ إِرْسَالُ مُوسَى وَالْأَنْبِيَاءِ بَعْدَهُ إِلَيْهِمْ لَمْ يَمْنَعْ إِرْسَالَ الْمَسِيحِ إِلَيْهِمْ فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ إِرْسَالُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَهُمْ مِنْ حِينِ الْمَسِيحِ لَمْ يَأْتِهِمْ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -:

<<  <  ج: ص:  >  >>