للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرُوا بِهِ فَصَارَ كُفْرُهُمْ وَضَلَالُهُمْ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ: تَبْدِيلَ دِينِ الرَّسُولِ الْأَوَّلِ، وَتَكْذِيبَ الرَّسُولِ الثَّانِي.

كَمَا كَانَ كُفْرُ الْيَهُودِ بِتَبْدِيلِهِمْ أَحْكَامَ التَّوْرَاةِ قَبْلَ مَبْعَثِ الْمَسِيحِ، ثُمَّ تَكْذِيبِهِمُ الْمَسِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَنُبَيِّنُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ مَا عَلَيْهِ النَّصَارَى مِنَ التَّثْلِيثِ وَالِاتِّحَادِ، لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ: لَا الْإِنْجِيلُ وَلَا غَيْرُهُ، بَلْ دَلَّتْ عَلَى نَقِيضِ ذَلِكَ، وَلَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ عَقْلٌ بَلِ الْعَقْلُ الصَّرِيحُ مَعَ نُصُوصِ الْأَنْبِيَاءِ تَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ ذَلِكَ، بَلْ وَكَذَلِكَ عَامَّةُ شَرَائِعِ دِينِهِمْ مُحْدَثَةٌ مُبْتَدَعَةٌ، لَمْ يُشَرِّعْهَا الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

ثُمَّ التَّكْذِيبُ لِمُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ كُفْرُهُمُ الْمَعْلُومُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، مِثْلُ كُفْرِ الْيَهُودِ بِالْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَبْلَغُ.

وَهُمْ يُبَالِغُونَ فِي تَكْفِيرِ الْيَهُودِ بِأَعْظَمَ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْيَهُودُ مِنَ التَّكْفِيرِ، إِذْ كَانَ الْيَهُودُ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَسِيحَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ وَلَدُ غَيَّةٍ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>